اعرف رسولك أيها المؤمن
إهداء
زهير سيد حسن و زاهر سيد حسن
بزاوية السيدة فاطمة الزهراء العيساوية
بمناسبة حلول شهر رمضان الكريم
إشراف الشيخ الفاضل سيدي مصطفى بن رجب بوزكور أمد الله في عمره
الحمد لله الذي منّ علينا بمنة الإسلام وهدانا بإرشاد وهدي خير الأنام ، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الجلال والإكرام ، ونشهد أن سيدنا وحبيبنا محمدًا رسول الله نور الأنوار وبدر التمام صلى الله عليه وعلى آله الكرام وأصحابه الأعلام وسلم تسليما .
أما بعد .. إن خير ما شغلت به النفوس واستنارت به العقول وبذلت فيه الأوقات والساعات هو دراسة السيرة النبوية العطرة والتعمق في تلك الأحداث المحمدية العظيمة والمواقف الكريمة فهي تجعل المحب الصادق لرسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه يعيش تلك الأحداث العظام التي مرت بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام .
وفيها يتعرف المؤمن على جوانب كثيرة من شخصية الحبيب صلى الله عليه وسلم وأخلاقه وشمائله في حياته ومعيشته ودعوته في السلم والحرب وفي الشدة والرخاء ، ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم هو القدوة الحسنة في أقواله وأفعاله وأحواله قال تعالى:
لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةً حَسَنَةً لمنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَاليَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرً(
الأحزاب آية 21والاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم واجب في الأقوال والأفعال والأحوال لأنه صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن هوى ولا يفعل عن هوى بل جميع أفعاله وأقواله وأحواله عن ربه عز وجل ، فإن سعادة المؤمن في الدنيا وكرامته في الآخرة تتحقق باقتدائه برسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تكون الأسوة إلا بعد معرفة رسول الله صلى الله عليه وسلم المعرفة الحقة الشاملة الكاملة البينة الواضحة في كل ما يتعلق به صلى الله عليه وسلم ولقد كتب العلماء الأجلاء في صحاح كتب السنة والسيرة كل شاردة وواردة عنه صلى ففي كتاب ( الشفا ) للقاضي عياض و ( دلائل النبوة ) للبيهقي و ( الشمائل المحمدية ) للترمذي و ( المواهب اللدنية ) للقسطلاني و ( الخصائص الكبرى) للسيوطي
و( سيرة ابن هشام ) و ( سيرة ابن إسحاق ) و (محمد رسول الله) لمحمد رضا و ( جواهر البحار في فضائل النبي المختارr ) للنبهاني وغيرها من كتب السنة و السيرة أنوار ساطعة وأضواء لامعة تبرز للمؤمن جوانب العظمة ومواطن الأسوة والقدوة في شخصيته صلى الله عليه وسلم وهذه السطور عبارة عن رؤوس أقلام ولمحات يسيرة عن سيرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم القصد منها فتح الطريق أمام ناشئة المؤمنين لدراسات أعمق لهذه السيرة النبوية الخالدة .
وأقسم لــــو أن البـــحار جميعــهـا مدادً وأشجار الأرضـين أقــلاملما سطرت من وصفكم ربع عشره وكيف يحيط النجم عدّّّّّّّ وإلهـــــام النور المحمدي صلى الله عليه وسلم :قال تعالى ) قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ( المائدة 15 فقد قال كثير من العلماء أن المراد بالنورهو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كذا في تفسير الطبري والجلالين والقرطبي وغيرهم .وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] كنت نورا بين يدي ربي قبل خلق آدم بأربعة عشر ألف عام ) رواه ابن القطان نسبه الشريف صلى الله عليه وسلم :هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم ابن عبدمناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي ابن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة ابن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ويرتفع نسبه الشريف إلى الخليل إبراهيم عليه السلام .
اعلم أيها المؤمن أن نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم هو المصطفى من الخلق كلهم فقد صان الله آباءه من زلة الزنا فولد صلى الله عليه وسلم مــن نكاح صحيح ولم يولد من سفاح ،
قال صلى الله عليه وسلم ( لم يزل الله ينقلني من الأصلاب الطاهرة إلى الأرحام الطاهرة ) ، وقال صلى الله عليه وسلم [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم إلى أن ولدني أبي وأمي ولم يصبني من سفاح الجاهلية شيء ) أخرجه الطبراني تقلب فيهم قرنًا فقرنًـــا إلى أن جاء خير المـرسلينــا تنقل أحمد نورا عظيمًـــا تلألأ في جباه الساجدينــــــا ولادته صلى الله عليه وسلم : ولد صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين ثاني عشر من شهر ربيع الأول من عام الفيل وهذا هو المشهور عند جمهور العلماء .
وقال علماء السير : أن الحبيب صلى الله عله وسلم ولد يوم الاثنين واستنبئ يوم الاثنين وخرج مهاجرًا من مكة إلى المدينة يوم الاثنين ورفع الحجر يوم الاثنين وتوفي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين .
وليلة مولده صلى الله عليه وسلم وقعت عجائب وغرائب فمنها انتكاس الأصنام وسقوطها من أماكنها ، ومنها اضطراب إيوان كسرى وسقوط الشرفات وخمود النيران ولم تخمد قبل ذلك بألف عام ، وغاضت بحيرة ساوة ، و لما حملت به صلى الله عليه وسلم أمه السيدة آمنة قالت : ما وجدت له ثقلا فلما ظهر خرج معه نور أضاء ما بين المشرق والمغرب .
وأخرج أبو نعيم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان من دلالة حمل آمنة برسول الله صلى الله عليه وسلم أن كل دابة لقريش نطقت تلك الليلة وقالت حُمِلَ برسول الله صلى الله عليه وسلم ورب الكعبة وهو إمام الدنيا وسراج أهلها ، ولم يبقَ سرير لملك من ملوك الدنيا إلا أصبح منكوسًا ، وفرت وحوش المشرق إلى وحوش المغرب بالبشارات ، وكذلك أهل البحار يبشر بعضهم بعضًا ، وله في كل شهر من شهور حمله صلى الله عليه وسلم نداء في الأرض ونداء في السماء أن أبشروا فقد آن أن يظهر أبو القاسم صلى الله عليه وسلم ميمونًا مباركًا .
أعظــــم به يومًًا تكامل يمنه شرفت بمطلع شمسه الأيــــام
يومٌ به ولــــــد النبي محـمـد نورًا أتى والكائنات ظــــــلام
بشرية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: ومن المعروف أنه صلى الله عليه وسلم بشر وما يجول في خلد مؤمن قط أن يخرجه عن البشرية ولكنه صلى الله عليه وسلم بشر يوحى إليـــــــه
وما يتأتى قط أن يوحي الله تعالى إلى بشر إلا إذا أصبح وكأنه قطعة من نور ، صفاء نفس وطهارة قلب وتزكية روح فهو صلى الله عليه وسلم بشر لا كالبشر .
فمبلغ العلم فيه أنه بشر وأنه خير خلق الله كلهم
وبعض الناس حينما يقرأ القران الكريم فتمر عليه الآية الكريمة ) قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ ( الكهف آية 110 يقف عند كلمة ) بَشَرٌ ( فيحاول التركيز عليها وتوجيه الانتباه كله إليها فيتحدث عن خصائص البشرية العادية ويبرزها وينسبها إليه صلى الله عليه وسلم ويندفع في الاتجاه المنحرف اندفاعًا لا يتناسب قط مع قوله تعالى : ) يُوحَى إِلَيَّ ( بل إنه في اندفاعاته الهوجاء ينسى ) يُوحَى إِلَيَّ ( ويهملها إهمالاً ، وإنه ليس بنادر في هذا العصر العجيب أن يجرؤ بعض الجهلة فيتحدث عن سيد الخلق صلى الله عليه وسلم فيما لا يجوز في حقه صلى الله عليه وسلم ويقولون أنه بشر كسائر البشر وأنه يخطئ – حاشاه – ويصيب ونسيَ أولئك الجهلة قوله تعالى :
) وَمَا يَنْطِقُ عَن الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوْحَى (النجم آية3. 4وقوله تعالى : ) يُوحَى إِلَيَّ ( .وقوله صلى الله عليه وسلم لست كهيئتكم أبيت عند ربي ) .ويتجرأ بعض الجهلة ويقولون لا تعظموه ولا تعطوه فوق حقه وينسى أولئك الجهلة أن الله عز وجل هو الذي عظَّمه وشرفه وأمرنا بذلك فقال تعالى : ) لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا (
النور آية 63 وقال تعالى: ) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ (الفتح آية 9 وأن الله تعالى مدح قومًا تأدبوا معه صلى الله عليه وسلم فقال : )
إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيم (
الحجرات آية 3 وذم قومًا أساءوا الأدب معه صلى الله عليه وسلم فقال : )إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُون( الحجرات آية 4 وقال أيضًا : ) والَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ( التوبة آية 61وحذر قومًا من مخالفته صلى الله عليه وسلم فقال: )فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ( النور آية 63و بلغ من كرامته صلى الله عليه وسلم عند ربه أن جعل طاعتَهُ طاعةً له فقال : ) مَن يُّطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ( النساء آية 80وربط الله محبته عز وجل باتباع النبي صلى الله عليه وسلم فقال : )قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ( آل عمران آية 31 ويرشدنا الخالق سبحانه وتعالى إلى بعض صفات رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم من رأفة وشفقة ورحمة وحرص شديد علينا فيقول : ) لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيم ( التوبة آية 128
وما أعظم ما تميزت به الذات المحمدية الطاهرة من خصائص عظيمة ومحاسن كريمة جلت عن الحصر .منزه عن شريك في محاسنه فجوهر الحسن فيه غير منقسم
والمؤمن حقًا عندما يقرأ القرآن الكريم يتدبر هذه المعاني التي توضح لنا مقام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عند الله تعالى ، وأن منزلته تفوق كل منزلة وأنه أعلى الناس قدرًا وهو إمام الأنبياء والمرسلين وسيد الأولين والآخرين ، فأي بشر فيه هذه المزايا والخصائص الربانية غير رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو بشر لا كالبشر وهو أعظم مخلوق عرفته البشرية .
روحي الفداء لمن أخلاقه شهدت بأنه خير مولود من البشر
رحمته صلى الله عليه وسلم : قال تعالى في حقه صلى الله عليه وسلم: ) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحمَةً لِلْعَالَمِينَ الأنبياء آية 107 قال ابن عباس رضي الله عنه في معنى هذه الآية : رحمة للبر والفاجر لأن كل نبي كان إذا كُذب أهلك الله من كذبه وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أخر من كذبه إلى الموت أو إلى القيامة وأما من صدقه فله الرحمة في الدنيا والآخرة .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( إنما أنا رحمة مهداه ) رواه البيهقي والحاكم فقد زين الله تعالى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بزينة الرحمة فكان وجوده رحمة وجميع شمائله رحمة وصفاته رحمة وأقواله وأفعاله رحمة فمن أصابه شيء من رحمته صلى الله عليه وسلم فهو الناجي في الدارين من كل مكروه ، والأنبياء عليهم السلام خلقوا من الرحمة وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو عين الرحمة ومن كان رحمة للعالمين لزم أن يكون أفضل من كل العالمين .
رحـــمة كله وحزم وعـــــــــــزم ووقار وعصمة وحيـــــــــاء
وسع العالمين علمًــا وحلمًـــــا فهو بحـــــــر لا تعيه الأعباء
صـــــــل يا ربنا وسلم على من هو للـــخلق رحــمة وشفــاء
محبته صلى الله عليه وسلم :فيجب على كل مؤمن أن لا يختار حبيبًا غير سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بل يقدمه على النفس والآباء والأبناء ، إذ لا يتم الإيمان إلا بمحبته صلى الله عليه وسلم لأنها عين محبة الله تعالى ، فلا حياة للقلوب إلا بمحبة الله تعالى ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم ولا عيش إلا عيش المحبين الذين قرت أعينهم بحبيبهم وسكنت نفوسهم إليه واطمأنت قلوبهم به واستأنسوا بقربه وتنعموا بمحبته ، ففي القلب طاقة لا يسدها إلا محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ومن لم يظفر بذلك فحياته كلها هموم وغموم وآلام وحسرات قال تعالى :
) قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي القَوْمَ الفَاسِقِينَ : التوبة آية 24فكفى بهذا حظًا وتنبيهًا ودلالة وحجة على إلزام محبته صلى الله عليه وسلم ووجوب فرضها واستحقاقه لها صلى الله عليه وسلم .قال صلى الله عليه وسلم : ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين ) رواه البخاريقال صلى الله عليه وسلم : ( ما اختلط حبي بقلب أحد فأحبني إلا حرم الله جسده على النار ) رواه أبو نعيم ورمز السيوطي لصحته قال العارف بالله الحارث المحاسبي رضي الله عنه :المحبة ميلك إلى الشيء بكليتك ثم إيثارك له على نفسك وروحك ومالك ثم موافقتك له سرًا وجهرًا ثم علمك بتقصيرك في محبته . أرى كل مدح للنبي مقصــــــــرا وإن بــالغ المثني عليـه وأكثــرا
إذا الله أثنى بالذي هـو أهلــــــه عليه فما مقدار مـا تمدح الورى
فسيرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خير سيرة وعترته خير عترة وشجرته خير شجرة نبتت في حرم وبسقت في كرم واستوت في عظم فهو جملة الجمال وكل الكمال فضائله أكثر من أن تحصى ومناقبه لا تستقصى .
فبالغ و أكثر لن تحيط بوصفه فأين الثريا من يد المتناول
وصلى الله على سيدنا محمد قبلة أرواح المحبين و آله وصحب و